شفقنا العراق – حضر وفد مكتب سماحة المرجع النجفي مجلس تأبين العلامة الخطيب محمد أطهر (رضوان الله تعالى عليه)، والذي أقيم في مدينة (لكنهو) الهندية، في أكبر حسينية في العالم، وبحضور عدد غفير من المؤمنين والمسؤولين والسياسيين الهنود، حيث أَلقى سماحة الشيخ علي النجفي كلمة بهذه المناسبة أكد فيها على أهمية الحفاظ على الحوزة الموجودة في (لكنهو)، وإعادتها إِلى سابق عهدها وكذا باقي الحوزات في الهند، لما لها من أثر في توعية المجتمع وتثقيفه وتربيته على نهج أهل البيت (عليهم السلام) والحفاظ على الشعائر الحسينية، فهي صمام أمان الدين وأكد سماحته على أهمية نبذ الخلافات والتكاتف وأهمية التواصل مع النجف الأشرف.الهند
كما وأكد سماحته على وجوب عكس سلوك النبي وأهل البيت (عليهم السلام) في تعاملكم وعملهم مع من تخالطون من الديانات والمذاهب، مشدداً على ضرورة نبذ أي تطرف أو أَي فرقة.
أهالي مدينة لكنهو وخصوصاً عائلة الفقيد ثمنوا المحضر المبارك للوفد، وشكروه على حضوره، كما حمَّلوا الوفد شكرهم ودعاءهم لسماحة المرجع النجفی.
وفيما يلي نص الكلمة:
كلمة مدير مكتب سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ بشير حسين النجفي لمرور أربعين يوماً على وفاة الخطيب الكبير العلامة الميرزا محمد أَطهر (رحمه الله) .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله على هدايته لدينه، وله الشكر على ما دعا إِليه من سبيله، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله، وعلى آله الغر الميامين، واللعنة الدائمة على أَعدائهم أجمعين.
قال الله سبحانه: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ).
صدق الله العلي العظيم.
نحن في هذا الموقف نتقرب إِلى الله سبحانه بتقديم التعازي بمناسبة مرور أَربعين يوماً على وفاة المرحوم الخطيب الكبير العلامة الميرزا محمد أَطهر، إِلى وليِّ الله الأَعظم، وإِلى عموم المؤمنين، وإِلى أُسرته الكريمة، تغمَّده الله برحمته، قد تحمل المرحوم العناء الشديد والتزم بالجهد المتواصل منذ شبابه في خدمة الدين الحنيف، ونشر مذهب أَهل البيت (عليهم السلام) مع التقوى، إلى أَن أختار الله له دار أَصفيائِه وقبضه إِليه باختياره؛ ليكون تحت ظل عطفه ورحمته في جوار محمد وآله، سلام الله عليه وعليهم.
وانتهز الفرصة في موقفي هذا لأُبلغكم جميعاً تحيات الوالد سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النجفي (دام ظله الوارف)، ودعاءِه وعطفه لكم جميعاً، وكما أود أَن الفت أنظار المؤمنين إِلى جملة من الأَمور تهمنا جميعاً، منها:
الأَوّل: كُلنا نعتز ونقدر تاريخ البر الصغير عموماً ومؤمني الهند بالخصوص، وهذا التاريخ مفعم بالمواقف الدينية الشريفة من مئات السنين، وكانت الهند مركز ومأوى الحوزة العلمية الكبيرة والعريقة، خرَّجت العلماء والمجتهدين والخطباء والمبلغين، وكانت تلك الحوزة مشعل الهداية وشمس الشرف لنشر الإِيمان في عموم البر الصغير والهند بالخصوص، والإِقرار بهذا الشرف لهذه الحوزة واجب كل مخلص للدين ومنصف عارف للحق.
الأَمر الثاني: قد عرف العالم اهتمام المؤمنين في الدنيا كلها وفي البر الصغير بالخصوص بالقضايا الحسينية، والاهتمام الشديد بإقامة المجالس، وتنظيم المواكب، وضرب الزناجيل، والقامات، والاهتمام بكل العادات والتقاليد التي يتم بها إِحياء وتجديد واقعة الطف الأَليمة، ويجب أَن تستمر هذه المعاني السامية كما ورثناها من آبائنا، وسوف نورِّثَها بنينا إِلى ظهور وليّ الله الأَعظم (عجل الله تعالى فرجه)؛ـ لأَنها كانت أَهم وسيلة لنشر مذهب أَهل البيت (عليهم السلام) في البر الصغير بل في العالم أجمع ـ ونسلمه الرايات التي صنعناها شبيهة براية الإِمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (عليه السلام)، إِن شاء الله.
الأَمر الثالث: ينبغي لنا التآلف والتكاتف بين أَتباع أَهل البيت (عليهم السلام)، ويجب أَن يكون كل واحد منا سنداً ومدافعاً عن أخيه، ويكون مصدر خير للآخرين؛ ليحمي كل واحد منا الآخر، ونسعى للتعاون فيما بيننا حتى نصبح حزمة واحدة ويداً قوية؛ ليكون الكل مع الكل، والخلافات الشخصية يجب حلها في ضوء الأَحكام الشرعية، وأن لم يمكن حلها فرضاً، فلا ينبغي بل لا يجوز أن تكون الخلافات الشخصية سبباً للتشتت والتشردم بين المؤمنين في هذه البلاد العريقة.
الأَمر الرابع: أَريد أَن الفت أَنظار عموم المؤمنين وخصوصاً سكان منطقة الحوزة الشريفة لكنهو، أَن المرجعية في النجف اليوم متمكنة لمعرفة شؤونكم ومشاكلكم، ومستعدة بكل إِخلاص للتواصل معكم؛ لأَن المرجعية اليوم تعرف لغتكم وعاداتكم وتقاليدكم الاجتماعية والأُسرية، وهذه الخدمة إِنما يمكن أَن تفيد إذا أَبديتم جميعاً وخصوصاً سكان لكنهو التعاون والتعاطف مع المرجعية في النجف الأَشرف.
المرجعية في النجف الأَشرف تريد أن تعود حوزة لكنهو إِلى عهدها السابق، فإنها كانت شبيهة بالحوزة العلمية في النجف الأَشرف، وماشية في طريقها، ولا يمكن أَن يتم ذلك بدون تعاونكم جميعاً مع المرجعية في النجف الأَشرف.
الأمر الخامس: أَنتم أيها المؤمنون في هذا البلد العريق المترامي الأَطراف، مطالبون بتقديم صورة حقيقة للإِسلام، والكشف عن الوجه المشرق لمذهب أَهل البيت (عليهم السلام)، الذي يمثل الامتداد لطريق أَهل البيت وسلوكهم وحياتهم (عليهم السلام)، فعلينا جميعاً إبراز الخلق الإِسلامي لكل البشرية خصوصاً من يشاركنا في التوطن في الهند، لنتمكن من عرض الإِسلام بأَعمالنا وسلوكنا، ونبين حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأعمالنا وأَخلاقنا، فأَن الله سبحانه وصف النبي الأَعظم بصاحب الخلق العظيم، وأنتم مع تمسككم بدينكم والتزامكم بالواجبات واجتنابكم المحرمات كلها، تتمكنون من إبداء الأخلاق الطيبة التي كانت طريق حياة النبي الأَعظم (صلى الله عليه وآله)، مع جميع البشرية، الذين آمنوا به والذين لم يؤمنوا به، وترسيخاً لهذه المعاني وتأكيداً عليها، قال سيد الأَوصياء في مقام تقديم النصيحة لبعض أَعوانه: (الناس: صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
آمل من الله سبحانه أَن يمكننا جميعاً لإِبراز الوجه الحقيقي للإِسلام الحقيقي الذي جاء به الرسول الأَعظم (صلى الله عليه وآله) والذي تلقيناه من طريق أَهل البيت (عليهم السلام). والسلام..
النهایة