الجمعة, مارس 29, 2024

آخر الأخبار

المرأة العراقية وسوق العمل.. صعوبات وتحديات وعقبات قانونية

شفقنا العراق ــ تواجه المرأة العراقية الراغبة بالدخول إلى...

الهيئة العليا للتراث تناقش دور المخطوطات في تدوين التراجم وتوثيقها

شفقنا العراق ــ فيما ناقشت دور الوثائق والمخطوطات في...

الكمارك تبدأ العمل بنظام الاسيكودا

شفقنا العراق- من مركز كمرك ساحة الترحيب الكبرى في...

الموارد: اعتماد الأقمار الصناعية لدراسة التوقعات الجوية المؤثرة على دجلة والفرات

شفقنا العراق- تعمل وزارة الموارد المائية على اعتماد الأقمار...

قصف إسرائيلي يستهدف ريف دمشق ويتسبب بإصابة مدنيين اثنين

شفقنا العراق ـ استهدف قصف إسرائيلي مساء اليوم الخميس...

في ذكرى تأسيس منظمة بدر.. تأكيد عراقي على دور التضحيات في إسقاط نظام الاستبداد

شفقنا العراق ــ بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس منظمة...

زراعة ديالى تقدم سماد “الكومبوس” بسعر مدعوم

شفقنا العراق- تعمل مديرية زراعة ديالى على إنتاج كميات...

المالية النيابية: موازنة 2024 ستركز على القطاعات الخدمية

شفقنا العراق - أكدت اللجنة المالية النيابية أن موازنة...

النزاهة تضبط متهمين بالرشوة تسببوا بهدر نحو ربع مليار دينار

شفقنا العراق- تمكنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الخميس، من...

السوداني يدعو الحكومات المحلية إلى العمل بروح الفريق الواحد وكسب ثقة المواطنين

شفقنا العراق- فيما دعا إلى العمل بروح الفريق الواحد،...

التجارة:استئناف العمل بمشروع البطاقة التموينية الإلكترونية قريبًا

شفقنا العراق ـ فيما حدد موعد استئناف العمل بمشروع...

السوداني يترأس الجلسة الثانية للهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات

شفقنا العراق ـ ترأس رئيس الوزراء محمد شياع السوداني،...

مبدأ القيادة في فكر الإمام علي؛ بقلم د. نجم عبدالله الموسوي

شفقنا العراق- مبدأ القيادة في فكر الإمام علي (عليه...

الحرب على غزة.. استمرار القصف والضحايا أكثر من 107 آلاف بين شيهد وجريح

شفقنا العراق ــ تتواصل الحرب على قطاع غزة في...

معالم الصيام وأهدافه ما بين الإسلام والأمم الغابرة

شفقنا العراق- سنحاول أن نرصد بعض معالم الصيام وشرائطه...

لجرد أضرار المحاصيل جراء الأمطار الأخيرة .. الزراعة تشكل غرفة عمليات

شفقنا العراق ـ بعد تأثر بعض المحاصيل الزراعية وتضررها...

الإسراء والمعراج.. معجزة كبرى خالدة وتجسيد لعظمة الله تعالى

شفقنا العراق ــ من أبرز أهداف الإسراء والمعراج، إعداد...

التعداد السكاني.. أساس مرتقب للتحول الرقمي المستقبلي في العراق

شفقنا العراق ــ مع الإعلان عن تنفيذه إلكترونيًا لأول...

العثور على قطع أثرية في بابل

شفقنا العراق ــ أعلنت وزارة الداخلية اليوم الخميس (28...

مباحثات عراقية باكستانية لتعزيز التعاون في المجالين الأمني والاقتصادي

شفقنا العراق ــ بحث مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي،...

رشيد يدعو إلى الإسراع بصرف رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم

شفقنا العراق ــ فيما أكد على أهمية رفع مستوى...

لإجراء الأبحاث الطبية.. جامعة الزهراء تفتتح مختبرًا تخصصيًا للتقطيع النسيجي

شفقنا العراق ــ بتوجيه من ممثل المرجعية الدينية العليا،...

العتبة الحسينية تكشف عن الخدمات المقدمة ضمن مبادرة “عطاء المجتبى” الطبية

شفقنا العراق ــ فيما أحصت خدماتها المقدمة ضمن مبادرة...

ضمن البرنامج الرمضاني.. العتبة العلوية تقيم مأدبتي إفطار جماعيتين

شفقنا العراق ــ من ضمن البرنامج الرمضاني لرعاية مختلف...

السيستانية (۲)؛ في رحاب العقل الشيعي الفاعل

خاص شفقنا العراق-ليس من حقّنا،  بل لسنا -والعياذ بالله- في مقام الانتقاص والحطّ والخدش بالجهود الكبيرة والمساعي الحثيثة لفقهائنا وعلمائنا ونخبنا؛ فإنّ عوالي أخلاقهم وشوامخ نتاجاتهم وروائع آثارهم ورواشح أفكارهم وخالد لمساتهم ماهي إلّا دررٌ ناصعة ولآلىء غالية ونجوم ساطعة في فضاءات المعرفة الإنسانيّة والعلوم البشريّة ، ولطالما كان ومازال لأقطابنا ومحاورنا السهم الوافر والدور الفاعل في أنسنة الفكر وعرضه بالشكل الأنيق والاُسلوب الرشيق والمحتوى الدقيق والاستدلال الحقيق القائم على المنطق والعدل والإنصاف بلا تعصّبٍ وحقدٍ وإجحاف، فجاء مؤكّداً على التلاقح والتلاقي والتآلف والتصافي ، مرحبّاً بحوار المخالف ونقد المآلف من أجل بلوغ الحلول التي تخدم الدين والعالمين.

إنّما يحوم البحث حول أُسٍّ مركزيّ وقيد محوري ، فحينما نقول “العقل الشيعي الفاعل” نعني أنّها بوضوح: قضيّة “بشرط”، أي بشرط الفاعليّة، والفاعليّة المقصودة: هي التطبيق والممارسة العمليّة الميدانيّة التي تجسّد القيم والمبادئ والاُسس والأفكار والتنظيرات والمباني التي يقوم عليها الدين والمذهب تجسيداً سليماً صحيحاً.. بعبارةٍ اُخرى: تحويل القول إلى فعل، والفكرة إلى عمل، بأدنى خطأ ممكن.

إنّ الفاعليّة هي التي تنقل الفكر من دهاليز التنظير ومطابخ التفكير إلى أزقّة ودروب وميادين الحركة والديناميكيّة  الملموسة في واقع الحياة.. وإن كانت “وحدة قلوب الإسكندر المقدوني”، و”مبادىء كونفوشيوس”ـ و “قيم البوذا “، و” تعاليم سقراط”، و”اشتراكيّة ماركس”، و”رأسماليّة واشنطن”…قد نالت حظّها من الذكر والبقاء فلأجل إمكانية تناغمها عمليّاً – بنسبٍ متفاوتة – مع الحياة الإنسانيّة الميدانيّة.. وماأكثر الأديان والمذاهب والنظريّات والأفكار التي نالت قسطاً وافراً من النسيان وظلّت مركونةً على رفوف الإهمال بسبب عدم إمكانيّة تحولّها من سكون التنظير إلى حركة التطبيق.

إنّ الدين الإسلامي بمذهب التشيّع الإثني عشري قد اتّخذ منذ البدء منحىً حواريّاً  قائماً على اُسسٍ استدلاليّة علميّة  واضحة، غير مهملٍ بالمرّة جوانب الحيطة والحذر، فامتاز بالتمدّد الهادىء والحركة الموزونة الزاحفة نحو الأمام، بالبرمجة المدروسة التي لاتستفزّ ولاتثير حفيظة المناوىء القويّ المهيمن على مقاليد السلطة والحكم طيلة القرون المتمادية. وهذا لايعني أبداً بلوغه مابلغه الآن من رقيٍّ وألَق ورفعة مقام بلا صعابٍ و تضحياتٍ جسام، بلاثباتٍ وصبرٍ وإخلاصٍ وآلام ، بلا إيمان بقيم السماء ونهج سادات الأنام عليهم السلام. 

فيحقّ لهذا الفكر أن يعتزّ ويفخر بكلّ مالديه من تاريخٍ ونتاجٍ ورجالٍ وثقافةٍ وفنونٍ ومعارف وحضورٍ مؤثّرٍ فاعلٍ آسرٍ أذعن به العدوّ قبل الصديق والمخالف قبل المآلف؛ ذلك بفضل العقل الحكيم والاستنباط الرصين والفهم السليم ، بفضل الهداة الميامين الذين علّمونا كيف نسلك الدرب القويم لبلوغ المقصد العظيم .

أجل هم علّمونا الاُصول والفروع بعد أن مارسوها حقّ الممارسة وعملوا بها حقّ العمل وفعلوا ماينبغي فعله وتركوا ماينبغي تركه على أحسن وجه.

إنّ عصر مابعد آل البيت (ع) يشير إلى عديد تجارب خاضها “العقل الشيعيّ الفاعل ” بنسبٍ متفاوتة من النجاح، نذكر منها على سبيل المصداق و المثال لا الحصر:

الحضور المؤثّر  للمحقّق الكركي صاحب جامع المقاصد والشيخ البهائي رحمهما الله في إطار الحكم الصفوي، حيث استطاعا اغتنام الفرصة الممكنة في ترجمة المفاهيم الحقّة إلى ممارسةٍ فاعلة لازالت آثارها المباركة باقية حتى يومنا هذا.

ولايمكن تناسي الحركة الفاعلة للميرزا الشيرازي رحمه الله ولاسيّما ثورته المشهورة المعروفة بثورة التنباك وماخلّفته من آثارٍ إيجابيّة على واقع الحياة اليوميّة في إيران.

وتمكّن السيّد الخميني رحمه الله من إحداث تغيّرٍ جوهري تاريخي في إيران؛ حيث أخذ بنظريّة ولاية الفقيه المطلقة من ثنيّات المدوّنات إلى سوح التطبيق وميادين العمل الفاعل، فأنشأ حكومةً إسلاميّةً قائمةً على مبنى ولاية الفقيه المطلقة، وهي حكومة لازالت فاعلة قويّة مؤثّرة باقية منذ مايقارب الأربعة عقود.

أمّا السيّد السيستاني حفظه الله القائل بولاية الفقيه المقيّدة فقد تمكّن من استحلاب الدليل غاية الاستحلاب وبلغ في اغتنام الاستنباط غاية الاغتنام، وحلّق في فضاءات الاقتناص المشروع عالي التحليق ، فكان أن وصلت به مطيّة البحث والتنقيب تخوم المبنى ولا أبعد، حتى قيل: إنّ السيستاني قد خرق الإجماع المركّب باستحداثه مبنىً ثالثاً، كما قيل: إنّه ترك الولاية المقيّدة والتحق بركب المطلقة، وغير ذلك من الأقوال.. متغافلين -أُولاء- أو غافلين عن كونه قد استخدم المؤن الكافية السليمة أيّما استخدام، فصار في وقتٍ واحدٍ محافظاً على المبنى ومستفيداً من مضامينه استفادةً أرقى.. لذا نجده رغم التقييد المبنائي الذي يفرض عليه عدم بسط اليد كما هو المتاح في الولاية المطلقة، نجده قد أبلى بلاءً حسناً في ميدنة المبنى وعملنة الأفكار وفعلنة الآراء، فهذا الرجل الذي لايمتلك سلطة دولة ولاحكومة مهيمنة نراه قد امتلك زمام المبادرة وهيمن على العقول والقلوب بفضل العقل السليم الفاعل.

وما أحدثه السيستاني من تعريفٍ جديدٍ للتشيّع قائمٍ على محوريّة العقل الفاعل ، النابض بحبّ الناس والحياة الحرّة القائمة على العدل والمساواة والأمن والسلام.. وما أحدثه من قوّة التأثير والتمدّد المثير والاستقطاب الكبير والاهتمام العظيم بدراسة التشيّع.. قد اختصرا المسافات الشاسعة والأزمان المتباعدة، فعجّلا في ضرورة معرفة ماهيّة التشيّع، هذه المعرفة التي قادت ولازالت تقود إلى مزيد فهمٍ واعٍ يضعه في حيث يجب أن يوضع، يضعه في خانة الحواريّة والاعتدال والوسطيّة، ويضع مذهب التطرّف والعنف والإرهاب والترويع والحذف والتضليل في حيث يجب أن يوضع، يضعه في خانة العزل والدونيّة.

بقلم: کریم الأنصاري

مقالات ذات صلة