شفقنا العراق-متابعة-يتواصل الجدل حول مسودة قانون الجرائم الإلكترونية التي تحاول بعض الكتل إقرارها في البرلمان العراقي وسط معارضة من قبل ناشطين وإعلاميين وخبراء قانونيين، بسبب ما تثيره المسودة من قلق حول تقييد الحريات وحماية النظام السياسي من الأصوات معارضة و”تحيزها” لصالح الحكومة.
يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كاطع الركابي إن “القانون لا يقيد الحريات كما يشاع بل يحفظ الحريات الفردية لجميع المواطنين”، مبينا إن “ما يتداول حول القانون في وسائل الإعلام على أساس أنه يقيد الحريات مغلوط ولا أساس له من الصحة”.
وقال الركابي إن “تغيير التسمية إلى قانون بالجرائم الإلكترونية بدل المعلوماتية جاء ليكون أكثر شمولية، لأن جوهر القانون هو حفظ حرية الإنسان وحماية حقوقه، على عكس ما يشاع في بعض الصحف والقنوات الإعلامية ومن قبل بعض الأشخاص الذين يريدون الإساءة إلى القانون”، مؤكداً أن “القانون يدافع ويحافظ على حرية الإنسان، ويضمن حريته الخاصة، وهو ضد الابتزاز الإلكتروني”.
وأكد الركابي، أن “هناك إصرارا على تمرير القانون الذي يصب في مصلحة المجتمع”، مضيفاً أن “اللجنة أعادت بعض الصياغات والتعديلات المهمة، على هذا القانون وقرئ قراءة ثانية في جلسة الاثنين، وسيصوت عليه في الأسبوع المقبل“.
بدورها أكدت النائبة عالية نصيف، وجود إصرار نيابي على تمرير قانون جرائم المعلوماتية لمنع العبثية ومحاصرة الذباب والجيوش الإلكترونية التي تعمل على تسقيط الأشخاص، مشيرة إلى إن البرلمان حريص على تشذيب ما ورد في نص مشروع القانون لضمان حرية الرأي.
أما عضو لجنة الأمن النائب بدر الزيادي فقد بين إن “فقرات القانون بأغلبها تستهدف جرائم الابتزاز الإلكتروني والتي راح ضحيتها العديد من النساء وانتحار أخريات”، موضحا إنه “لا يوجد أي تقييد لحريات بفقرات القانون وبشهادة قضاة”.
أما النائبة ريزان شيخ دلير، فاعتبرت إن “قانون الجرائم المطروح في الوقت الحالي هو استنساخ للعقوبات الموجودة في قوانين مكافحة الإرهاب، ومكافحة الاتجار بالبشر، ومكافحة المخدرات وغيرها من القوانين الأخرى النافذة في الوقت الحالي، وبهذه الحالة فإننا لسنا بحاجة إلى إقرار قانون خاص يمكن أن يقيد تلك القوانين العامة”، مؤكدة على “ضرورة الاهتمام بالمشاكل التي يعاني منها الشعب في الوقت الحالي كنقص الخدمات والظرف الاقتصادي الذي يعيشه،بدلاً من تشريع قوانين يمكن أن تقيد حريته وتزيد من معاناته بالغرامات والاعتقالات والسجن المؤبد”.
من جانبه كشف النائب عن تحالف سائرون رياض المسعودي، إن “هناك اتفاقا مبدئيا بين القوى السياسية لتمرير القانون وتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل صحيح”، لافتا إن “القانون بحاجة سيشهد تغييرات جذرية في بعض بنوده بعد اعتراض قوى سياسية بشان حرية التعبير وعدم المساس بحرية الرأي”.
عودة للدكتاتورية والاستبداد
السياسي، جاسم الحلفي، وهو من معارضي القانون، قال إن “قانون الجرائم المعلوماتية يعد مصادرة لحرية الرأي وعودة إلى الاستبداد والدكتاتورية ومصدر قلق”، مؤكداً “الحاجة إلى “تنظيم الحرية وليس لتجريمها، مضيفا إن “القانون فيه إشارات مبطنة تحول دون الوصول إلى أي معلومة في مؤسسات الدولة”.
وتابع الحلفي إن “المادة 19 من القانون تضمنت المعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 5 ملايين دينار”، وقال: كان الأبدى على البرلمان صب جهده على قوانين تمس حياة الشعب كالموازنة والانتخابات وليس الحد من حرية المواطنين”.
كما وصف نقيب الصحفيين العراقيين، مؤيد اللامي، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية بأنه “سيئ الصياغة”، وقال: “أتفق مع مجلس النواب على تغيير الصياغة الحالية للقانون، وستجري ورش عمل لتعديل هذه المواد بحيث تتطابق مع المعايير الدولية والعالمية لحقوق الإنسان”، موضحاً إنه سيتم الحفاظ على قيم المجتمع وخصوصياته، وسنطلب أن تكون هناك مواد متوازنة توقف الأذى وانتهاك الخصوصية والتشهير، وسنحفظ أعراض الناس وقيم المجتمع دون أن نمس بالحريات”.
وأشار الى أن “الصيغة الحالية ستوقف العمل الصحفي وستوقف متابعة المواطنين للفساد، حيث يطول هذا القانون المواطنين العاديين أيضا ولا يقتصر على الصحفيين، وسيخاف الجميع من متابعة الفساد”، مؤكدا أن “القانون بصيغته الحالية يخالف مواد الدستور التي تقر حرية الرأي والتعبير والطباعة والصحافة، وحتى إذ تم إقراره بصيغته الحالية سنلجأ للمحكمة الاتحادية لإلغاء هذا القانون”.
ما يتطرق له القانون
في الأثناء، أكد الخبير القانوني علي التميمي، إن “القانون الجديد يتكون من ٢٢ مادة مع الأسباب الموجبة للقانون حيث إن التعاريف الواردة فيه مقتضبة وهي تحتاج أن تعرف، حيث إن مواده قليلة ولا تتناسب مع أهميته القانونية”، لافتا إلى ان “القانون لم يتناول الجرائم الخطرة او معالجتها كالمخدرات والإرهاب والاتجار بالبشر والتحريض على الطائفية والقومية أو التزوير أو انتحال الصفات وغسيل الأموال ولم يرجعها إلى قانون العقوبات”.
وأضاف إن “العقوبات الواردة في القانون تراوحت بين السجن ١٠ أعوام والغرامات التي تصل إلى ١٥ مليون دينار وكان الأولى أن يركز القانون على الغرامات المرتفعة لأن أغلب هذه الجرائم هو الحصول على المال والعقوبة دائما من جنس الفعل أفضل وأكثر تأثيرا”، مبينا إن النص في مشروع القانون على رسم خطط التحقيق للقضاة والمحققين هو تجاوز على قانون الأصول الجزائية الذي رسم ذلك ويعد تدخل في شوؤن القضاة”.
وتابع انه “يمكن سحب مشروع القانون من الجهة التي قدمته وبموافقة رئاسة البرلمان وفق المواد ١٢٥ و١٢٦ من النظام الداخلي للبرلمان”.

