خاص شفقنا-أتابع دائما مقالات وبرامج الاعلامي المصري المعروف ابراهيم عيسى لاسباب عدة، منها انه يتمتع بثقافة واسعة، ومتابع دقيق لتطورات الاوضاع المصرية والاقليمية والدولية، ويطرح قضايا في غاية الاهمية، كثيرا ما يمر من امامها الكثير من الاعلاميين المصريين مرور الكرام اما خوفا او طمعا، ويتمتع بشجاعة قل نظيرها لدى الاخرين في طرح هذه القضايا، ويتناول الازمات والمشاكل التي تعصف بالمنطقة، بذكاء ورؤية ثاقبة، تكشف عن اسبابها ومالاتها.
وفي آخر مقال للاعلامي ابراهيم عيسى كتبه في صحيفته “المقال” قبل ايام، اشار فيه الى نقطة في غاية الاهمية، يجب ان تتوقف امامها كل النخب الفكرية في مصر وخارجها، حيث طرح فكرة يمكن ان تكون في حال اعتمادها من قبل النخب المصرية، علاجا ناجعا لخطر الفكر الوهابي القادم من الصحراء على الانسانية جمعاء.
يربط عيسى في هذا المقال بين إنقاذ الإنسانية من الإرهاب وبين قدرة المصريين على مواجهة الوهابية ، فهو يرى ان مصير الإنسانية الآن يتوقف على قدرة المثقفين والمفكرين والسياسيين المصريين على مواجهة الغزو الوهابي، الذي بدا منذ السبعينيات من القرن الماضي، واختراق مصر السياسية والثقافية والدينية، ونجحت نجاحا مذهلا، معتمدا على الدعم والتمويل السعودي.
ويقول عيسى: “تتمخطر الوهابية في عقول مؤسساتنا، وكثير من أجهزتنا، وسطت على تفكير ووعي ودين المسؤولين من كبار الدولة حتى مسؤولي الأزهر..المشكلة لدى هذين الطرفين أنهما المكلفان وطنيا وحضاريا بإنهاء المد الوهابي الذي أنتج لنا الإرهاب، والتطرف، والطائفية، فإذا بأجهزة الدولة الرفيعة، ومؤسسة الأزهر المفترض تنورها ووسطيتها، “متابعين” فكريا، وثقافيا للوهابية”.
يحمل عيسى النخب المصرية مسؤولية انقاذ الانسانية من الوهابية بقوله: ”العبء كله على العقول المصرية الجادة في هذا الملف التي تريد ليس إنقاذ بلدها وشعبها فقط بل الإنسانية كلها من أفكار وفتاوى الجهل والتطرف وتكفير الآخر والعنصرية تجاه الأديان الأخرى، والحض على الكراهية، وتعظيم جهاد القتل والغزو، واستنفار الفتن الطائفية والمذهبية، ليست الأفكار فقط بل الأموال التي تمول هذه الأفكار”.
ومن اجل الا يُبقي مجالا للطابور الخامس الوهابي السعودي في مصر، من الذين سيرفعون في وجه المصريين “علم” المساعدات السعودية لمصر في حال اعتراضهم على الغزو الوهابي، يقول عيسى: ”دعنا هنا نفرق بوضوح بين الاحترام الواجب للموقف السعودي الداعم لمصر بالمنح والاستثمارات أو الودائع أو شحنات البترول، وخطتها التي لم تتراجع قط لإنهاء النفوذ الثقافي الإسلامي الحضاري لمصر ، فالسعودية تسند مصر اقتصاديا، وفي المقابل تغزوها وهابيا، هذه هي لعبة الشرق الأوسط منذ منتصف السبعينيات، وحتى الآن”.
لم يكن ابراهيم عيسى يبالغ عندما اكد ان “لا أحد قادر على نزع جذور هذه الشجرة الزقوم من الأرض إلا مصر.. إن استعادت عافيتها الفكرية، والثقافية، واستقلاليتها الدينية، وروحها الحضارية.. ليس أمامنا الآن إلا أن ننهض لإحياء الإسلام المصري لاستعادة روح الإسلام من خاطفيه الوهابيين.. لا شيء سينقذ مصر، ولا سينجو به العالم من الإرهاب إلا حين تستعيد مصر (على الأقل مصر غير الرسمية الحكومية) زعامتها المنتزعة من الوهابية؛ لتقود العالم الإسلامي نحو العصر، لا أن نستسلم، ونسلم أنفسنا للقرون الوسطى، التي تعيش فيها الوهابية، وتتغذى منها علينا”.
نعيد ونكرر ان عيسى لم يبالغ عندما حمل النخب المصرية مسؤولية انقاذ الانسانية من الوهابية ، فكل من ينكر دور مصر الريادي في العالمين العربي والاسلامي اما جاهل او مغرض، فهذا الدور لا يختلف عليه من بين عقلاء العالم اثنان، فالوهابية لا يمكن ان ترحل عن عالمنا الا بعقول المفكرين والمثقفين وعلماء الدين المصريين المتنوريين، فهؤلاء فقط من يمكنهم القيام بهذه المهمة الخطيرة على اكمل وجه، فالوهابية ما كانت لتغزو العالم، الا بعد ان تغلغلت في مصر في سبعينيات القرن المنصرم، لذلك نضم صوتنا الى صوت الاعلامي المصري ابراهيم عيسى وكل الاصوات المصرية الوطنية والاسلامية التي تؤمن بالروح المصرية المنفتحة والمتسامحة وبالاسلام الازهري الوسطي، وندعو النخب المصرية باسم الانسانية جمعاء وباسم اتباع الاديان الالهية، ان تهب لاستعادة مصر من الوهابية التي اختطفتها باسم السلفية، ومن ثم انقاذ الانسانية جمعاء وعندها ستعود مصر كما كانت رائدة العالمين العربي والاسلامي .
بقلم: نبيل لطيف