شفقنا العراق-هناك سؤال يطرح: ما مدى صحة قول النبي (ص): (اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون)؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع السيد علي الحسيني السيستاني.
السؤال: قيل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون) هل هذا حديث أو قول مأثور وما مدى صحته ؟ ثانيا نعرف ان الله سبحانه وتعالى لا يرد للنبي دعاء ابداً فهل هذا المعتقد صحيح؟ اذا كان صحيحا .. فهل القوم اهتدوا بفضل وبركات دعاء النبي. ام ان الله لم يستجب دعائه لما نراه من الغواية في المسلمين والتخبط وهل هذا قياس صحيح أم لا ؟
الجواب: يبدو بحسب المنقول من المأثور عن النبي (ص) أن قوله: (اللهمَّ اهد قومي فإنهم لا يعلمون) قد قيل في مناسبات مختلفة.
منها: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في يوم عرضه للدعوة على أهل ثقيف فتعرضوا له بالاساءة وجاء جبرئيل ومعه ملك الجبال يأتمر بأمره فرفض النبي (ص) أن يدعو على قومه أو يطلب استئصالهم وقال: (اللهمَّ أهد قومي فإنهم لا يعلمون). (أضواء البيان للشنقيطي 8: 255، حلية الأبرار: 305).
ومنها: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قاله يوم أحد عندما شج في وجهه وقيل له: ألا تدعو عليهم؟ قال: (اللهمَّ أهد قومي فإنهم لا يعلمون) وأنّه قد نزل بعدها قوله تعالى: (( إنك لا تهدي من أحببت ))(القصص:56) (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) 3: 250).
ومنها: أن هذا القول قاله النبي(ص) في يوم فتح مكة. (بحار الأنوار 21: 119).
وبشكل عام أيّا كانت المناسبة التي قيلت فيها هذه العبارة فإن استجابة دعاءه (ص) في الغالب هي مضمونة وخاصة في موارد التحدي واثبات المعجز ، إلا أنه يمكن أن يكون في بعض المواقف ما تقتضي الحكمة الإلهية تأخير الاستجابة لمصالح لا يعلمها إلا الله سبحانه كما هو الأمر في الموقف الثاني حيث نزل قوله تعالى : (( إنك لا تهدي من أحببت )) .. وعلى العموم قد استجاب المولى سبحانه لدعاء نبيّه (ص) في فتح مكة ونزل قوله تعالى: (( إذَا جَاءَ نَصر اللَّه وَالَفتح * وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدخلونَ في دين اللَّه أَفوَاجاً * فسَبّح بحَمد رَبّكَ وَاستَغفره إنَّه كَانَ تَوَّاباً )) (النصر:1, 2, 3).
ولكننا نريد التعليق بان استجابة دعاءه (ص) ودخول الناس في دين الله أفواجاً لا يعني استمرارهم على الهداية إلى نهاية حياتهم، فالهداية تعني في أحد معنييها إما إراءة الطريق أو الإيصال إلى الطريق، وإما سلوك الطريق والإستقامة عليه فهذا من شأن الإنسان نفسه إن شاء سار عليه وان شاء تخلف عنه كما قال المولى سبحانه: (( أَلَم نَجعَل لَه عَينَين، وَلسَاناً وَشََفتَين وَهَدَينَاه النَّجدَين )) (البلد:10), وقال تعالى: (( إنَّا هَدَينَاه السَّبيلَ إمَّا شَاكراً وَإمَّا كَفوراً )) (الانسان:3).
النهایة