خاص شفقنا- حالة يرثى لها، هي تلك التي تمر بها الامة الاسلامية هذه الايام، حيث اصابها العجز، ووصلت الى مرحلة الهوان وتداعي الأمم عليها تداعي الأكلة إلى قصعتها.
ان العجز الهوان اصبحا واقعا معاشا، الا انهما اصبحا اكثر ايلاما بعد الاحداث التي شهدتها وتشهدها الاراضي الفلسطينية بعد ان وهب العنصري ترامب القدس للسفاح نتنياهو، فيما العرب والمسلمون منشغلين بقتل بعضهم بعضا.
من بين الكم الهائل من المواقف التي خرجت وتخرج هذه الايام على خلفية قرار الرئيس الامريكي ترامب حول القدس، من قبل الشوارع العربية والاسلامية والعالمية، والحكومات والاحزاب والنخب السياسية والفكرية والاجتماعية، استوقفتني مواقف من يقدمون انفسهم ك”دعاة ومشايخ وعلماء دين”.
من المؤسف جدا ان يوجد هذا العدد الكبير من “الدعاة والمشايخ” الذي يشغلون حيزا كبيرا جدا من المشهد الاعلامي، ولكن لا تاثير لكلامهم على الناس وخاصة عندما يتحدثون عن ضرورة قيام الامة من كبوتها، والتسلح بالوعي من اجل مواجهة المخاطر التي تتعرض لها اقدس مقدسات المسلمين في القدس الشريف.
منذ فترة وانا اتابع تصريحات وفتواى احد هؤلاء “الدعاة” الذي يُقدم على انه احد كبار “علماء” هذه الامة ، الا انني لم اجد اي تاثير لكلامه على مخاطبيه، بينما الرجل يحاول استنهاض همم الشعوب العربية، لاعادة “مجد الاسلام” من جديد، لمواجهة المؤامرة الامريكية الصهيونية ضد القدس وفلسطين والعرب والمسلمين، فكلامه يرتد اليه دون ان يصل الى مسامع من يعتقد انهم يسمعوه.
من الافكار الجديدة التي طرحها هذا الداعية كانت على شكل تغريدات على تويتر ، متلمسا للمسلمين طرق المجد والنهوض! فكتب قائلا: “لدى أمة الإسلام القوة العددية، والقوة الاقتصادية، والقوة الحضارية، والقوة الروحية، التي تجعلنا في رأس القافلة؛ إن صدقت النيات، وصحت العزائم، وتراصت الصفوف”.
وتابع يكتب، “الفقه هو الذي يقود الدورة الحضارية للأمة، ويضبط إيقاعها على موازين الكتاب والسنة، وكثيرًا ما يقترح الحلول لمشكلاتها في ضوء أحكام الشرع المقررة، مهتديًا بما قرره علماء الأمة: أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال”.
وفي تغريدة ثالثة يقول: “غاية الإسلام بإجمال: هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وفسِّر الظلمات بما شئتَ من الجهل أو الشرك، أو الشك أو الظلم، أو الحقد أو غير ذلك، فلا حرج عليك، فكلها ظلمات تُظْلِم بها النفس وتُظْلِم بها الحياة معًا”.
لا نعتقد ان هناك مسلم يمكن ان يختلف مع هذا “الداعية” فيما ذهب اليه، ولكن السؤال هو لماذا لا تاثير لما يقوله هؤلاء “الدعاة”، على الشباب، لدفعهم الى التماس اسباب القوة والنهوض من اجل دفع اخطار الصهيونية التي اخذت تنهش وبشراهة في الجسد العربي الهامد؟
الجواب على هذا السؤال الكبير والمهم ، بسيط جدا، وهو ان هؤلاء الاشخاص ليسوا علماء دين كما يدعون، فلو كانوا كذلك حقا لكان لكلامهم تاثيرا على قلوب وعقول مخاطبيهم، فهم ليسوا الا ابواقا للسلاطين، فهؤلاء فقدوا كل شيء عندما تحولوا الى منابر للفتنة واثارة النعرات الطائفية بين المسلمين، واستجداء تدخل الناتو لاسقاط الانظمة العربية، واشعال الحروب والصراعات في البلدان العربية على اساس طائفي مقيت، في خدمة مجانية للصهيونية العالمية، والتي ما كنت لتجرؤ حتى على التفكير بابتلاع القدس لولا الهوان الذي اصاب الامة بسبب الصراعات الطائفية التي انهكت البلدان والشعوب والجيوش العربية.
هؤلاء “الدعاة” الذين خرجوا علينا اليوم بمظهر “العالِم” الذي يحاول ان يتلمس للامة اسباب النهوض هم الذين كانوا يتصدرون المشهد الاعلامي لشرعنة غزو البلدان الاسلامية بدوافع طائفية وسياسية ضيقة، لذلك تحول كلامهم اليوم الى هواء في شبك لا اثر ولا تاثير له، بعد ان كانوا السبب الرئيسي وراء كل الكوارث التي نزلت بمطقتنا، فالعدو مهما تجبر لا يمكنه ان يتدخل هكذا وبصلافة في البلدان العربية ويُسقط انظمتها بقوة السلاح لولا وجود غطاء تم توفيره له، عبر هذه المنابر التي تدعي انها اسلامية.
اليوم، ليس هناك من صوت يمكن ان يقنع الامة للنهوض من كبوتها، الا صوت بندقية المقاومة، وصوت الرجال الاشداء الذين يحملونها، فهؤلاء فقط من يملك التاثير على شباب الامة، بعد قبروا بتضحياتهم الفتنة التكفيرية، واليوم على اهبة الاستعداد لمواجهة المؤامرة الامريكية “الاسرائيلية” العربية الرجعية المعروفة بصفقة القرن التي لم ولن ترى النور ما دامت بندقية بيد رجالها.
نجم الدين نجيب