خاص شفقنا- لما كان قرار ترامب ، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان “الاسرائيلي” ، يتناقض بالظاهر مع منطق الاشياء وتحالفاته الاقليمية والدولية ، لذا تضاربت الاراء حول الاسباب التي دعت ترامب الى اتخاذ هذا القرار.
هناك من اعتبر القرار جاء متسقا مع رعونة وتهور الرئيس الامريكي ، الذي يحاول ان يظهر بمظهر من يختلف عن سابقيه ، وهناك من برر القرار بانه التزاما من ترامب للوعود التي اطلقها للتيارات الدينية المتطرفة والعنصرية في امريكا والتي شكلت قاعدته الشعبية ، وهناك من حمل صهر ترامب ، جاريد كوشنر مسؤولية ما جرى ، بالاضافة الى اراء اخرى طرحت من قبل المراقبين والمحللين حول خلفيات قرار ترامب.
رغم ان كل الاراء السابقة لاتخلو من صحة الا اننا سنقف امام رأي يكاد يكون الاقرب الى السبب الذي كان وراء قرار ترامب ، وهو رأي وزير الامن الايراني محمود علوي ، الذي ادلى به خلال كلمة له امام “ندوة ألامن الإقليمي في غرب آسيا”، التي عقدت في طهران طهران يوم الثلاثاء 12 كانون الاول / ديسمبر.
اشار علوي في كلمته الى ان ترامب بادر الى إعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني في ظروف تلقى فيها الإرهابيون ضربات قاصمة ، وأصيب داعموهم بالإحباط وأخذوا يتصرفون بجنون.
قرار ترامب يمكن وضعه في خانة الجنون الذي اصاب داعمي “داعش” في المنطقة ، بعد هزيمة أداتهم التي كان يتصورون انها ستفكك سوريا والعراق وتدخل المنطقة في نفق مظلم لا تخرج منه الا بعد عقود طويلة ، خدمة ل”اسرائيل”.
مراكز صنع القرار في واشنطن ومنذ هزيمتي “اسرائيل” على يد ابطال حزب الله في عامي 2000 و 2006 ، توصلت الى فكرة تقوم على اساس خلق فتنة “سنية شيعية” في لبنان وسوريا والمنطقة ، لاشغال العرب والمسلمين بانفسهم ، والانتقام من حزب الله ومحور المقاومة الذين اذلوا “اسرائيل” وسادتها واذنابها ، فتمثلت تلك الفكرة في”داعش”.
امريكا و”اسرائيل” والرجعية العربية كانوا يتوقعون الكثير من “داعش” ، وتصوروا ان فلسطين والقدس قد دخلت طي النسيان ، بعدما ادخلوا العالم الاسلامي في متاهات الطائفية ، ولكن بعد ان قبر محور المقاومة “داعش” ، جن جنون ترامب فاتخذ قراره الذي كان يتوقع انه سيمر مرور الكرام في حال نجاح مؤامرة “داعش”.
لما كان قرار ترامب ضرب من الجنون، رفضه العالم كله ، حتى حلفاءه في اوربا رفضوا القرار ، بل حتى اتباعه في الشرق الاوسط ، رفضوا القرار خوفا من شعوبهم ، فلم يجد من مؤيد له الا “اسرائيل” ، التي من اجلها اشعلت امريكا كل هذه الفتن والحروب في المنطقة.
النهایة